01 - 06 - 2025

عاصفة بوح| التهمة "إشاعة الإمل"!

عاصفة بوح| التهمة

جاء خبر القبض على أعضاء "تحالف الأمل" الرائعين الوطنيين المدنيين، غير المتواطئين ولا المتآمرين مع جماعة الإخوان، والساعين إلى المشاركة فى الحياة السياسية من خلال توحيد القوى المدنية، لتتحضر للانتخابات البرلمانية المقبلة ومنهم زياد العليمى البرلمانى السابق والصحفيان حسام مؤنس وهشام فؤاد، كلطمة على وجه كل من تصور أن التغيير السلمى هو الوسيلة العاقلة الرشيدة لتصحيح أى مسار سياسى بعيدا عن العنف والإرهاب!!

 كان من الطبيعى أن يصلوا إلى تلك النتيجة، وإلا ماذا فعل هؤلاء وغيرهم سوى أنهم فكروا ولم يياسوا، ربما كانت تلك جريمتهم الحقيقية.. جريمة أن يمارسوا حقوقهم الدستورية فى المشاركة السياسية فى وقت شعروا فيه - ومثلهم الكثيرين- أن الامور قد خرجت عن إطار المنطق السليم، وضرورات الأمن القومى والرغبة فى التوحد لمحاربة الإرهاب، ومقتضيات السياسة أو الرغبة الوطنية، عبر الانفراد بالحكم على أساس أن السلطة وحدها تعرف المصلحة ولا تطلب إلا الصمت والهدوء والدعم حتى تستطيع الوصول بالوطن إلى بر الأمان!

نتفهم منطقهم هذا ونفترض سلامة نيتهم.. فلا نخون أحدا ولا ننساق وراءنظريات المؤامرة مثلهم، ولكن نطالب أن تتفهم السلطة دوافع هؤلاء.. فالغد لهم بحكم قوانين الحياة والرغبة فى المشاركة كحق أصيل لايجب أن يثير حساسايات ولا ضغينة ولا رغبة فى الانتقام من ثورة انفجرت لأسباب أقل من ذلك بكثير، بالرغم من تجريمها ونعتها بالمؤامرة، وهم من يعرفون قبل غيرهم أنها انتفاضة شعب تعب من الفساد والفشل. 

أحاول أن أحلل التوجهات الأمنية أو دوافع المستشارين فى استهدافهم لأى صوتمعارض، يحاول أن يفكر بطريقة مختلفة سعيا لمصلحة عامة، فلا أجد أى مبرر.. سوى الرغبة فى التحكم وتكميم الأفواه ربما خوفا من تكرار ثورة أطاحت برؤوس تصورت أبديتها على كرسى الحكم، فاستبقوهم بضرباتهم الأمنية تفاديا لأي فرصة محتملة للتكرار!

الأمر تعدى المعارضة إلى المؤيدين والداعمين، إن خرجوا عن الصف بمجرد تساؤل أو رسائل تحذير من خطر يرونه يقترب، فكان مصيرهم أيضا السجون، فى سابقة تذكرنا باعتقالات سبتمبر، وهى أجواء لاتساعد على حشد الطاقات كما يريدون لدعم الدولة فى إنجازاتها الحقيقية وليس الإعلامية المناقضة لواقع نعيشه! 

مرة أخرى نتساءل: ما الهدف من زرع الخوف وفرض الصمت في أنحاء مصر؟.لماذا يصروون على فقأ أعين زرقاء اليمامة المحذرة من خطر داهم يراه الجميع – دونهم - يقترب ؟؟ 

يشعر الكثيرون، خاصة من عاصر فترة عبد الناصر أن أجواء القمع والخوف تعود، دون إنجازات ناصر الإقتصادية وانحيازاته للطبقة الفقيرة ودون قيادته للعالم العربي وتاثيره فى المجال الإفريقى.. فقط السيطرة الامنية وتغليب الصوت الواحد والعصف بالمعارضين وكانت النتيجة في عهد ناصر كما نعرفها، الهزيمة العسكرية، ألا نتعلم حتى لاتصيبنا لعنتها!

نشطاء من كل  التيارات، والشباب منهم على وجه الخصوص، مسجونون فى أسوأ ظروف مرت على سجون مصر، ورأينا من نتائج الإهمال الطبى مايغني عن التوضيح والاسترسال.

مرة أخرى.. لماذا؟  لماذا أصبحت تهمة الانضمام الى "جماعة محظورة أو التعاون معها لإسقاط الدولة" جاهزة لإلصاقها بأي صاحب فكر معارض، حتى وصل الأمر إلى اختراع اتهامات خزعبلية بلا سند قانوني، مثل  نشر أجواء تشاؤمية وصولا إلى التهمة المثيرة للجنون "إشاعة الأمل"؟ الذهول يسيطر على الجميع ولا يعرفون إلى أين ستقودهم تلك السياسات؟ 

للأسف ذكاء السلطة يخونها.. فتهمة "امسك إخواني" لم تعد تنطلي على أحد.. بل أصبحت تثير السخرية، فالنائب زياد العليمى وزميلاه وغيرهم معروفون بانتماءاتهم المدنية.. كلهم الآن وراء القضبان بتهم وهمية لفرض الخوف على الجميع، حتى يتفرغ أولو السلطة لتنفيذ مشاريعهم دون إزعاج أو مراجعة، ناهيك عن المحاسبة، وهل تمت محاسبة أصحاب المعالى والفخامة فى الوطن العربى إلا من خلال ثورة شعبية غير مهزومة، وهى أمر نادر في عالمنا العربي المنكوب؟

ما هذه الأجواء المكارثية التى تهدد استمرار الدولة، كما يريدها العقلاء والحكماء وكما يعلمنا التاريخ؟ لن تستطيعوا فرض الصمت والخوف إلى أبد الآبدين، لأنه عند نقطة معينة، لن يجد اليائسون أمامهم سوى الانفجار، كحل يائس ليخرجوا من حياة حتى الأمل فيها أصبح تهمة تلقي بصاحبها وراء الشمس!  

احذروا إشاعة اليأس فإن نتائجه كارثية على الجميع؟ فالسياسة اقتحمت حياة الناس فى صورة غلاء معيشة مذلة نتيجة سياسات اقتصادية تفتقد الى الحكمة والعلم.. الناس تعانى وبشدة ولا أحد يبالي!

كل يوم تزداد أعداد الغاضبين واليائسين والمفتقدين للأمان اليومى.. كل يوم تنزل طبقات إلى مستنقع الفقر، وينزلق الفقراء إلى ما دون الفقر، وكأن السلطة  تدعوهم إلى حل مشكلتهم بأي طريقة كانت، ماداموا لايطالبون بمراجعة سياسات لا تراعى البعد الاجتماعى ولا حتى توفير أكل العيش اليومى لهم، ومن يتجرأ ويحاول إنقاذ السلطة بآراء أو حلول، يصبح بين ليلة وضحاها ممن نطلب لهم الحرية! 

الخوف لا يقيم دولا إنما يسقطها.. هكذا يعلمنا التاريخ!

واستهداف شباب الثورة بصورة فجة لاتهاب أحدا ولا تخشى الفضائح الدولية.. هي بداية لمصير لانرضاه لدولتنا، فليس في كل مرة تسلم الجرة! السجن لا يجب أن يكون للجدعان يا سادة، إنما السجن للقتلة والفسدة!!
------------------
بقلم: وفاء الشيشيني
من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة